أشعر بألم في مختلف أنحاء جسدي طوال الوقت وعلى الرغم من تشخيصي بعدة انزلاقات غضروفية في عمودي الفقري منذ أن كان عمري 17 عاماً، فإنني لا أزال أتساءل عن سبب انتكاساتي المتكررة هل بسبب عدم انتظامي على الأدوية التي أصلها مسكنات وحقن كورتيزون لتقليل الألم، أم لأنني لم أتلق أفضل علاج طبيعي؟
هل المشكلة ستظل قائمة طوال حياتي؟ الحقيقة أنها ستكمل معي إضافة لآلام جديدة ستضاف إلى القائمة، فما الحل في شابة تعيش بآلام تعيقها عن الحياة وأشبه بآلام الشيخوخة، فهناك من بعمر الـ60 أو الـ70 وصحته أفضل من كثير من الشباب في وقتنا الحالي، فما السبب، وهل سينتهي العمر عند الـ30 أو الـ40؟
عندما دخلت الجامعة لاحظت أنني لست الوحيدة التي تعاني المرض، فزميلتي هناك تكابد منذ صغرها عيباً خلقياً في القلب، وتلك الأخرى لديها مرض مناعي أصابها وتسعى خلف حقنة باهظة الثمن كل شهر، وليتها تستطيع تكفل ثمنها أو إيجادها بعد ذلك، وهذه الحقنة ما هي إلا وقف مؤقت للمضاعفات الخطيرة للمرض.
في الجامعة وجدت أيضاً من تعاني مرض السكري من الدرجة الأولى، الذي يأتي منذ الصغر ويعالج بحقن الإنسولين، وتعرفت على زميلة لا تستطيع الوقوف أو الجلوس لفترة طويلة لأنها تعاني من ارتفاع سرعة الترسيب، التي تؤثر على قدميها، وأيضاً من لديها فشل كلوي بعمر الـ20!
لم أكن بحاجة إلى سؤال والداي عن وجود أي أمراض مزمنة منتشرة في شبابهما، فقد كانا أصحاء في كل شيء وتلك الأمراض المزمنة التي نسمعها كثيراً في عصرنا كارتفاع ضغط الدم والسكري وهشاشة العظام وخشونة المفاصل وأمراض القلب، إضافة إلى الفشل الكلوي، كلها أمراض لم يسمع عنها إلا نادراً وظهرت عند بلوغهما بداية الخمسينات فأكثر.
الأمر الذي جعلني أبحث لماذا يعيش جيلنا كل هذا الوهن. أهو وهن نفسي أصاب أجسادنا فجعلنا لا نقوى على شيء؟ أم أمراض حقيقية نابعة من أخطاء بغير قصد كالجينات، أو بقصد كالتلاعب في البيئة المحيطة.
صورة تعبيرية (الأمراض المزمنة والألم)
أجريت دراسة عام 2018 لمعرفة مدى انتشار الأمراض المزمنة بين الشباب في أمريكا، وقد تبين أن أكثر من نصف الشباب شخصوا بالفعل بمرض مزمن واحد، أو أكثر من مرض بنسبة تصل إلى 51.8% مع العلم أن هناك شباباً قد يعاني مرضاً مزمناً ولكن دون تشخيص.
استهدفت الدراسة معرفة مدى انتشار 10 أمراض مزمنة فقط، ومن الأمراض موضع البحث ما يلي:
أوضحت الدراسة أن هناك ما يقرب من 24.6% من الشباب يعاني من مرض واحد على الأقل من الـ10 أمراض، والباقي ونسبتهم 27.2% يعانون مرضين أو أكثر، إذ كانت النساء أكثر عرضة للإصابة من الرجال.
لكن ماذا عن الشرق الأوسط؟
في دراسة أجريت في قطر عام 2021 لمعرفة مدى انتشار الأمراض المزمنة المتعددة في مراكز الرعاية الأولية، حيث وجد انتشارها أكثر بين النساء وتزداد نسب الإصابة مع زيادة العمر، وتصل إلى 32.7% بين الشباب، وأكثر الأمراض المنتشرة ما يلي:
بحسب ما أوضحت منظمة اليونيسيف فالأمراض المزمنة مثل: أمراض العضلات والعظام والسرطان، وأمراض القلب والأوعية الدموية، تنتشر في الشرق الأوسط بين الشباب بنسبة تصل إلى 41% التي تسببت في موت ما يقرب من 27 ألفاً من الشباب في عام 2019.
لم ننل نصيبنا من الأمراض الجسدية فحسب، بل كان حظنا وفيراً في الأمراض النفسية، حيث بلغت الوفيات نتيجة الانتحار في الشرق الأوسط أربعة آلاف حالة في ذات العام، إذ ما يقرب من ربع الأمراض تكون بسبب الأمراض العقلية والنفسية التي تتسبب إيذاء الذات.
تتفق معظم الأبحاث على أن السمنة والحياة الراكدة دون رياضة أو حركة، والتدخين، هي من عززت الإصابة بالأمراض المزمنة المختلفة في جيل الشباب الحالي، إضافة إلى زيادة الوزن، وكذلك ضعف الصحة بسبب أمراض الأمومة، وقلة التغذية لها دور كبير.
هذا على الجانب الجسدي أما عن الجانب النفسي فهناك عدة أسباب مثل:
كذلك ما نأكله يومياً له دور كبير، وقد تتساءل هل الطعام الصحي والبعد عن السكر والدقيق هو الحل إذن؟ فالإجابة هنا رمادية عزيزي القارئ فاتباع نظام غذائي صحي حل مناسب، إضافة إلى الابتعاد عن الأطعمة السريعة، ولكن هل الحبوب والفاكهة والخضراوات نظام صحي دائماً؟
الحقيقة أن نوع الطعام يشكل فارقاً، فإذا كان معدلاً وراثياً وهو الحال في معظم الأغذية حالياً فتأثيره مدمر للجسد على المدى البعيد، فمعظم المحاصيل حالياً تزرع بطريقة غير عضوية تعتمد في بقائها على رش المبيدات الحشرية.
كثرة رش المحاصيل بالمبيدات قد تجعلها تفقد قوتها ونحتاج إلى زيادة الجرعة، فالحشرات تطور نفسها وتقاوم المبيد مما يجعلنا نحتاج إلى نوع آخر من المبيدات للإبقاء على سلامة المحاصيل.
إذا كانت النباتات المعدلة جينيًا مقاومة للأمراض كالفيروسات فهذا لا يعني أننا في أمان، فقد تتطور فيروسات جديدة تصيبها ومن ثم نصاب بأمراض جديدة، أيضاً تتسبب هذه النباتات في الحساسية وبعض المخاطر الجينية، الأمر الذي يفسر كثرة الإصابة بالأمراض المناعية والجهاز التنفسي.
تحدث السكتات الدماغية بنسبة أكبر عند بلوغ سن 65 عاماً فأكثر، ولكن مؤخراً أظهرت إحدى الدراسات زيادة الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 32% في عمر 18 إلى 34 عاماً ويرجع هذا الأمر لزيادة بعض عوامل الخطر مثل:
ارتفعت أيضاً نسبة الإصابة بسرطان القولون والمستقيم في جيل الألفية والأسباب غير معروفة حتى الآن، إضافة إلى انكماش المخ، الذي يزداد مع وجود رواسب الأميلويد في المخ، وارتفاع عوامل خطر للإصابة بأمراض القلب.
تشغلنا الحياة وتلهينا عن أهم الأشياء التي تحتاج للاهتمام وهي صحتنا، ومع تراكمات تصرفاتنا الخطأ في حق صحتنا لا تقف معنا طويلاً في الحياة ومن ثم تنهار نتيجة أفعالنا بها، لذا أولى الخطوات هي الوقاية ومنها ما يلي:
صورة تعبيرية (أموال)
هل فكرت يوماً في التقاعد من العمل نتيجة الوهن الذي أصابك في شبابك، هل فكرت مراراً وتكراراً في تقديم استقالتك لا لأنك كرهت العمل بالمؤسسة ونظامها بل لعدم قدرتك على المواصلة؟
يعيقنا الألم الجسدي أو النفسي عن العمل بصورة كبيرة، ولكن لا بد من العمل على الأقل لتوفير المال لتلبية احتياجاتنا الأساسية، ومع ذلك تقف الأمراض المزمنة عائقاً أمامنا على الاستمرار، لذا دعنا نفكر في أسوأ الحلول وهي استمرار المرض مع عدم التحكم به فكيف سنعيش؟
قد تكون خطة التقاعد المبكر حلاً مناسباً للبعض، التي تعتمد على توفير واستثمار المال من أجل العيش باقي حياتنا دون الاضطرار إلى العمل. قد يلجأ البعض للتقاعد في الأربعينات أو الخمسينات للترفيه، أو السفر والاستمتاع بالحياة أو بدء مشروعاته الخاصة وأحلامه المؤجلة، أو لمجرد الرغبة في التوقف عن العمل، ولكن كيف يمكن تحديد الوقت المناسب للتقاعد؟
يعتمد الوقت المناسب على قدر المال الذي ستحتاج إليه عند التقاعد، فعلى سبيل المثال إذا كنت ترغب في التقاعد في الأربعينات من العمر وأنت حالياً في العشرينات، فخلال هذه الفترة يجب أن تتبع ما يلي من الخطوات لتنفيذ الخطة:
إذا وصلت لعمر الأربعينات ولم تصل لحجم المدخرات المناسب للتعاقد، فعليك الاستمرار في الخطة حتى تصل إلى المبلغ المطلوب، وفي النهاية كل ذلك ما هو إلا أسباب للسعي، فلا تتوقف عن الدعاء بالشفاء، وأن يجعل الله ألمك في المرض شفيعاً لك في آخرتك.